«كوب 28».. الصحّة والبعد الديني
[ad_1]
«كوب 28».. الصحّة والبعد الديني
باتت التحدّيات واضحة وداهمة أمام دول العالم وشعوبه كافةً، لاسيما الدول الأربع الكبرى المعرَّفة بأنها مسؤولة عن الكميات الضخمة من الانبعاثات الغازية، ومتسببة مع سائر الدول الصناعية في ظاهرة الاحترار المناخي.
وفي مقابل التحدّيات هناك الواجبات التي يتكامل شيئاً فشيئاً رسم إطاراتها، سواء بالنسبة للدول المتقدمة أو تلك النامية. لم يعد هناك مفر من مواجهة المشكلة التي صنعها الإنسان بإساءاته المتكرّرة والمستمرّة للطبيعة، حتى بات كوكب الأرض في خطر، ومعه حياة البشر. هذا ما هو على المحك في مؤتمر «كوب 28» الذي تستضيفه دولة الإمارات بدءاً من نهاية نوفمبر المقبل، لكن مساهمتها تجاوزت توفير المكان المناسب للقاء جميع الأطراف، دولاً وشركات، إذ استبقت الفعاليات بمسار طويل من التشاور والتفاوض مع المعنيين بهدف إنتاج الحلول والمبادرات، وبالأخص لتفعيل ما اتُفق عليه سابقاً وما تزال الأقوال تنتظر الأفعال.
حدثٌ كبير، إماراتيٌ وعالمي، واكبته جريدتنا «الاتحاد» قبل أيام في منتداها السنوي الثامن عشر تحت عنوان «كوب 28.. رسالة الإمارات لإنقاذ الكوكب». وأظهر المتحدثون الإماراتيون في مختلف الجلسات، وجميعهم خبراء متخصصون، مدى الاهتمام بالملف المناخي وتفاصيله الكثيرة المترابطة، كذلك عمق انخراط الدولة في مكافحة ظواهر الاضطراب المناخي كأحد جوانب السياسة التنموية الشاملة التي اتّبعتها طوال العقود السابقة حتى بلغت «عام الاستدامة» الذي اختارته شعاراً لكل أنشطتها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية خلال استعداداتها لـ«كوب 28».
والنموذج الذي يتوفّر هنا هو أن المسألة لا تتعلّق بمناسبة دولية تُعقد وتنفضّ، بل بأن التغيّر المناخي استحقاق كوني بات يتطلّب استجابة استثنائية بثقافة جديدة تتبناها الحكومات والمؤسسات والفئات والأفراد.
ومن أبرز جوانب هذه الاستجابة ما صار التزام الإمارات إقامة بنية تحتية خضراء لدعم «استراتيجية الحياد المناخي 2050». سيكون هناك جديدٌ كثير في «كوب 28» ويتعلّق بعضه بالتقنيات عموماً أو بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الذي ينبغي أن يبرهن على قابليته لأن يكون مفيداً في ابتكار أنجع الحلول، خصوصاً للبلدان والشعوب الأكثر تضرّراً بمخاطر التغيّر المناخي. وهذا من المواضيع الشائكة التي تواجهها مؤتمرات المناخ في نسخها الأخيرة، تحديداً لأن الدول الكبرى وإن اعترفت بمسؤوليتها، فإنها لا تبدي استعداداً جاداً لترجمة هذا الاعتراف بتعويضات عن الخسائر والأضرار.
ويدلّ الجهد المبذول في التحضير لـ«كوب 28» على أن الإمارات تطمح إلى تحقيق اختراق في هذا الملف تحديداً، رغم صداع الجدل المستمر حول تعريف ما يجب وما لا يجب أن يُعوّض. ومن الجديد أيضاً أن الإمارات عملت على تضمين موضوع الصحّة في جدول أعمال «كوب 28»، إذ سيجرى توقيع إعلانين بشأن الغذاء والصحة في إطار مبادرات تركّز على تحسين حياة البشر وسبل عيشهم، باعتبار ذلك عاملاً حيوياً مساهماً في التعامل مع معضلات المناخ.
ولعل عنصراً آخر مهماً يمكن أن يميّز «كوب 28» وهو حضور قياداتٍ روحية هذه الفعاليةَ، إذ قالت دوائر الفاتيكان إن البابا فرنسيس يرغب في ذلك، والأكيد أن مبادرةً كهذه ستشجّع قيادات أخرى على الحضور.
قد لا يؤثر ذلك في أعمال المؤتمر، لكنه يلفت إلى بعدٍ ودورٍ دينيين في حفز الوعي المناخي على كل المستويات الفردية والاجتماعية. ويبقى أخيراً أن «كوب 28» يستند، حتى قبل انطلاقه، إلى قاعدة أكيدة وصلبة بانعقاده في بلد عمل ويعمل لأن يكون رائداً في الاستجابة لمكافحة التغيّر المناخي ليس فقط لشعبه، بل للشعوب كافةً.
*كاتب ومحلل سياسي – لندن
[ad_2]
Source link