المواجهة الراهنة وضرورة التفاوض – صحيفة الاتحاد
[ad_1]
المواجهة الراهنة وضرورة التفاوض
منع مؤخراً حرس الحدود الأوكراني أكثر من 20 ألف مجند من الفرار، منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا قبل أكثر من 18 شهراً. وهناك أكثر من 650 ألف رجل أوكراني تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عاماً مسجلون كلاجئين في دول الاتحاد الأوروبي والنرويج وسويسرا وليشتنشتاين.
على جانب آخر، تعالت أصوات قيادات من داخل المؤسسة العسكرية الروسية بضرورة وقف الحرب، وعودة المقاتلين إلى روسيا، ووقف تمددها المباشر زمنياً منعاً لوقوع خسائر جديدة ومكلفة، حيث تتالي خسائر روسيا في المواجهة الراهنة والتي وصلت إلى 300 ألف بينهم نحو 120 ألف قتيل وما بين 170 ألفاً و180 ألف مصاب.
فيما اقترب عدد القتلى من الجانب الأوكراني من 70 ألفاً. مع التقدير بأن عدد الضحايا ارتفع بعد أن شنت أوكرانيا هجوماً مضاداً في وقت سابق من هذا العام. وهذه الأرقام، وغيرها ترتبط بوجود مواقف وأبعاد للقوى المعترضة على الجانبين، فمن قِبل روسيا ترى هذه القوى أن التحول من عملية محدودة إلى حرب شاملة سيؤدي لمزيد من التكلفة العالية التي سيدفعها الجيش الروسي، خاصة في المناطق المحررة، والتي تمت إضافتها إلى الفضاء الروسي الكبير، وستتطلب إعادة ترتيب المهام والألويات العسكرية خاصة، وأن مناطق التماس ما تزال تواجه مواجهات كبرى مع الجانب الأوكراني، ومن ثم سيعمل الرئيس بوتين على تحجيم الموقف الراهن المعترض حتى من داخل المؤسسة العسكرية، بل والعمل على نقل رسالة بأن روسيا دولة قوية. وفي المقابل، فإن ردود الفعل الأوكرانية تشير إلى رغبة حقيقية في استمرار المواجهة، ومحاولة تحقيق مكاسب عسكرية بهدف تحسين شروط التفاوض عندما تنتهي المواجهات، لكن الإشكالية الحقيقية مرتبطة باقتطاع مساحات هائلة من الأراضي الأوكرانية.
ومع تشدد دول حلف «الناتو»، فإن المواجهة ستستمر في مسارها بل والانتقال إلى مرحلة أخرى بعد التسليح الغربي المكثف والنوعي من قبل الولايات المتحدة، وألمانيا وفرنسا، ما سينقل المواجهة لمرحلة أخرى برغم وجود تحفظات حقيقية وكاملة من داخل شرائح مهمة في المجتمع الأوكراني، بل وداخل الجيش الأوكراني، مع وجود انسحابات متتالية من تولي المهام، وإنْ كانت إدارة الجيش الأوكراني للمعركة الإعلامية أمهر من الجانب الروسي، خاصة أن روسيا تعلن دائماً ما يجري في قواتها العسكرية مع كل تغييرات كبرى أو في القطاعات الوسطى، وهو ما يجري أيضاً على الجانب الأوكراني، حيث يقوم الجيش بلعب دور عسكري وسياسي ودبلوماسي في منظومة واحدة، مع التأكيد على أن الجانبين وصلا إلى مساحات من الإنهاك الحقيقي، ما يشير إلى أنه لا رابح ولا خاسر مما يجري.
في المجمل، ستتسع رقعة مساحة التجاذب الكبرى في روسيا وأوكرانيا مع استمرار الخسائر على الجانبين، ووصول الطرفين إلى قناعة بضرورة التفاوض، والذي يتم من خلال قوة دولية مؤثرة، ولديها القدرات لذلك، ولعل الصين ستلعب هذا الدور بالفعل مقابل طرح مقاربة شاملة تقوم على فكرة المقايضة وفقاً لحساباتها الاستراتيجية والسياسية.
د. طارق فهمي*
*أكاديمي متخصص في الشؤون الاستراتيجية
[ad_2]
Source link